فصل: باب الحجر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. باب الحجر:

(مِنْهُ حَجْرُ الْمُفْلِسِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ الْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ (وَالرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ) فِي الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ (وَالْمَرِيضِ لِلْوَرَثَةِ) فِي غَيْرِ الثُّلُثِ (وَالْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وَالْمُرْتَدِّ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ لِحَقِّهِمْ (وَلَهَا أَبْوَابٌ) تَقَدَّمَ بَعْضُهَا وَيَأْتِي بَاقِيهَا (وَمَقْصُودُ الْبَابِ حَجْرُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ) وَالْمُبَذِّرِ بِالْمُعْجَمَةِ. وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ (فَبِالْجُنُونِ تَنْسَلِبُ الْوِلَايَاتُ وَاعْتِبَارُ الْأَقْوَالِ) كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْإِيصَاءِ وَالْأَيْتَامِ، وَأَقْوَالِ الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا. أَمَّا الْأَفْعَالُ فَيُعْتَبَرُ الْإِتْلَافُ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ كَالْهَدِيَّةِ (وَيَرْتَفِعُ) أَيْ حَجْرُ الْمَجْنُونِ (بِالْإِفَاقَةِ) التَّامَّةِ مِنْ الْجُنُونِ (وَحَجْرُ الصَّبِيِّ يَرْتَفِعُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا. وَالْبُلُوغُ) يَحْصُلُ (بِاسْتِكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) قَمَرِيَّةً (أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَوَقْتُ إمْكَانِهِ اسْتِكْمَالُ تِسْعِ سِنِينَ) لِلِاسْتِقْرَاءِ وَفِي الْأَوَّلِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:«عُرِضْت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي وَرَآنِي بَلَغْت». رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَفِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى:{وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} وَالْحُلُمُ وَالِاحْتِلَامُ وَهُوَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ (وَنَبَاتُ الْعَانَةِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِبُلُوغِ وَلَدِ الْكَافِرِ) أَيْ أَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَيْهِ (لَا الْمُسْلِمِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَاسَهُ عَلَى الْكَافِرِ وَفِيهِ حَدِيثُ«عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كُنْت مِنْ سَبْيِ قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَنْظُرُونَ مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يَنْبُتْ لَمْ يُقْتَلْ فَكَشَفُوا عَانَتِي فَوَجَدُوهَا لَمْ تَنْبُتْ فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ». رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ الْحَاكِمُ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَالتِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالْمُعْتَبَرُ شَعْرٌ خَشِنٌ يَحْتَاجُ فِي إزَالَتِهِ إلَى حَلْقٍ وَدَفَعَ قِيَاسَ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا اسْتَعْجَلَ نَبَاتَ الْعَانَةِ بِالْمُعَالَجَةِ دَفْعًا لِلْحَجْرِ، وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ يُفْضِي بِهِ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى مَنْبَتِ عَانَةِ مَنْ احْتَجْنَا إلَى مَعْرِفَةِ بُلُوغِهِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ السِّنِّ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَنَبَاتِ الْعَانَةِ الشَّامِلِ لَهَا (حَيْضًا) بِالْإِجْمَاعِ (وَحَبَلًا) لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْإِنْزَالِ لَكِنْ لَا يَتَيَقَّنُ الْوَلَدُ إلَّا بِالْوَضْعِ، فَإِذَا وَضَعَتْ حَكَمْنَا بِحُصُولِ الْبُلُوغِ قَبْلَ الْوَضْعِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ (وَالرُّشْدُ صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمَالِ) كَمَا فُسِّرَ بِذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} (فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ) مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ (وَلَا يُبَذِّرُ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمُعَامَلَةِ) وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ. وَالْيَسِيرُ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ (أَوْ رَمْيِهِ فِي بَحْرٍ أَوْ إنْفَاقِهِ فِي مُحَرَّمٍ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الْمَالِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ صَرْفَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَوُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِحَالِهِ لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ) لِأَنَّ الْمَالَ يُتَّخَذُ لِيُنْتَفَعَ بِهِ وَيُلْتَذَّ، وَالثَّانِي فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ. قَالَ: إنَّهُ تَبْذِيرٌ عَادَةً. وَالثَّانِي فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ قَالَ: إنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مُفَرِّطًا فِي الْإِنْفَاقِ فِيهَا فَهُوَ مُبَذِّرٌ وَإِنْ عُرِضَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مُقْتَصِدًا فَلَا.
(وَيُخْتَبَرُ رُشْدُ الصَّبِيِّ) فِي الْمَالِ (وَيَخْتَلِفُ بِالْمَرَاتِبِ فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ التَّاجِرِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِيهِمَا. (وَالْمُمَاكَسَةِ فِيهِمَا) أَيْ النَّقْصِ عَمَّا طَلَبَ الْبَائِعُ وَالزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي أَيْ طَلَبِهَا (وَوَلَدُ الزَّارِعِ بِالزِّرَاعَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الْقُوَّامِ بِهَا وَالْمُحْتَرِفُ) بِالرَّفْعِ (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَتِهِ وَالْمَرْأَةُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَزْلِ وَالْقُطْنِ وَصَوْنِ الْأَطْعِمَةِ عَنْ الْهِرَّةِ وَنَحْوِهَا) كَالْفَأْرَةِ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرِ الِاخْتِبَارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ) بِحَيْثُ يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِرُشْدِهِ (وَوَقْتُهُ) أَيْ وَقْتُ الِاخْتِبَارِ (قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقِيلَ: بَعْدَهُ) لِيَصِحَّ تَصَرُّفُهُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ) بِالرَّفْعِ (أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ بَلْ يُمْتَحَنُ فِي الْمُمَاكَسَةِ، فَإِذَا أَرَادَ الْعَقْدَ عَقَدَ الْوَلِيُّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ عَقْدُهُ لِلْحَاجَةِ (فَلَوْ بَلَغَ غَيْرُ رَشِيدٍ) لِاخْتِلَالِ صَلَاحِ الدِّينِ أَوْ الْمَالِ (دَامَ الْحَجْرُ) عَلَيْهِ وَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مَنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ (وَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا انْفَكَّ) الْحَجْرُ عَنْهُ (بِنَفْسِ الْبُلُوغِ وَأُعْطِيَ مَالُهُ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فَكُّ الْقَاضِي) لِأَنَّ الرُّشْدَ مُحْتَاجٌ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَيَنْفَكُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا بِفَكِّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ. وَفِي الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَجْهَانِ (فَلَوْ بَذَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ حَجَرَ الْقَاضِي فَقَطْ. قِيلَ: وَالْأَبُ وَالْجَدُّ أَيْضًا. وَفِي الْمَطْلَبِ وَالْوَصِيِّ (وَقِيلَ يَعُودُ الْحَجْرُ بِلَا إعَادَةٍ) مِنْ أَحَدٍ أَيْ يَعُودُ بِنَفْسِ التَّبْذِيرِ (وَلَوْ فَسَقَ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ وَالثَّانِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَذَّرَ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّبْذِيرَ يَتَحَقَّقُ بِهِ تَضْيِيعُ الْمَالِ بِخِلَافِ الْفِسْقِ، فَقَدْ يُصَانُ مَعَهُ الْمَالُ وَلَا يَجِيءُ عَلَى الثَّانِي الْوَجْهُ الذَّاهِبُ إلَى عَوْدِ الْحَجْرِ بِنَفْسِ التَّبْذِيرِ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ) أَيْ سُوءِ تَصَرُّفٍ (طَرَأَ فَوَلِيُّهُ الْقَاضِي، وَقِيلَ: وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ) أَيْ الْأَبُ وَالْجَدُّ. وَالْخِلَافُ وَالتَّصْحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَلَى الْوَجْهِ الذَّاهِبِ إلَى عَوْدِ الْحَجْرِ بِنَفْسِ التَّبْذِيرِ وَفِيهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي الْجَزْمُ بِأَنَّهُ وَلِيُّهُ (وَلَوْ طَرَأَ جُنُونٌ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ وَقِيلَ الْقَاضِي) وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّصْحِيحَيْنِ أَنَّ السَّفَهَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَاحْتَاجَ إلَى نَظَرِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْجُنُونِ (وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهِ بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ وَلَا إعْتَاقٍ وَهِبَةٍ وَنِكَاحٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ) هُوَ قَيْدٌ فِي الْجَمِيعِ وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ (فَلَوْ اشْتَرَى أَوْ اقْتَرَضَ وَقَبَضَ وَتَلِفَ الْمَأْخُوذُ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ) فِي الْحَالِّ (وَلَوْ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ سَوَاءٌ عَلِمَ حَالَهُ مِنْ عَامِلِهِ أَوْ جَهِلَ) لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ (وَيَصِحُّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ نِكَاحُهُ) عَلَى مَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ (لَا التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ إذَا قَدَّرَ الْوَلِيُّ الْعِوَضَ، فَمَا لَا عِوَضَ فِيهِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْهِبَةِ لَا يَصِحُّ جَزْمًا
(وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ) عَنْ مُعَامَلَةٍ أَسْنَدَهُ إلَى مَا (قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَذَا بِإِتْلَافِ الْمَالِ) أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْمَالَ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ الْإِتْلَافَ ضَمِنَ، فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ يُقْبَلُ ثُمَّ مَا رُدَّ مِنْ إقْرَارِهِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ (وَيَصِحُّ) إقْرَارُهُ (بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ) فَيُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ وَفِي الْمَالِ قَوْلَانِ كَالْعَبْدِ إذَا أَقَرَّ بِهَا وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْإِتْلَافِ، فَإِنْ قَبِلَ فَهُنَا أَوْلَى. وَالرَّاجِحُ فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ ثَبَتَ الْمَالُ عَلَى الصَّحِيحِ. (وَ) يَصِحُّ (طَلَاقُهُ وَخُلْعُهُ) وَيَجِبُ دَفْعُ الْعِوَضِ إلَى وَلِيِّهِ (وَظِهَارُهُ) وَإِيلَاؤُهُ (وَنَفْيُهُ النَّسَبَ) لِمَا وَلَدَتْهُ زَوْجَتُهُ (بِلِعَانٍ) وَاسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ، وَيُنْفِقُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَحُكْمُهُ فِي الْعِبَادَةِ كَالرَّشِيدِ) فَيَفْعَلُهَا (لَكِنْ لَا يُفَرِّقُ الزَّكَاةَ بِنَفْسِهِ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ (وَإِذَا أَحْرَمَ بِحَجِّ فَرْضٍ) أَصْلِيٍّ أَوْ مَنْذُورٍ قَبْلَ الْحَجْرِ (أُعْطِيَ الْوَلِيُّ كِفَايَتَهُ لِثِقَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ) أَوْ يَخْرُجُ الْوَلِيُّ مَعَهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ لِلْإِحْرَامِ وَأَنَّ الْعُمْرَةَ كَالْحَجِّ فِيمَا ذَكَرَ
(وَإِنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (وَزَادَتْ مُؤْنَةُ سَفَرِهِ) لِإِتْمَامِ النُّسُكِ (عَلَى نَفَقَتِهِ الْمَعْهُودَةِ فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) مِنْ الْإِتْمَامِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمُحْصِرٍ فَيَتَحَلَّلُ) وَثَانِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي أَنَّهُ كَالْفَاقِدِ لِلزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِلِقَاءِ الْبَيْتِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ إنْ قُلْنَا لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلٌ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ كَسْبُ قَدْرِ زِيَادَةِ الْمُؤْنَةِ لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ). وَتَقَدَّمَ تَرْجِيحٌ أَنَّ لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلًا وَنِيَابَةُ الصَّوْمِ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الطَّعَامِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ يَبْقَى فِي الذِّمَّةِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَظْهَرُ أَنْ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ السَّفِيهِ أَيْضًا.

. فَصْلٌ: [ولي الصبي]

وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ. وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ لِأَبِيهِ (ثُمَّ وَصِيُّهُمَا) أَيْ وَصِيُّ الْأَبِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ وَوَصِيُّ الْجَدِّ (ثُمَّ الْقَاضِي) أَوْ مَنْ يُنَصِّبُهُ. وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَصَايَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْوَصِيِّ الْعَدَالَةَ. وَفِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَهَلْ يَحْتَاجُ الْحَاكِمُ إلَى ثُبُوتِ عَدَالَةِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لِثُبُوتِ وِلَايَتِهِمَا وَجْهَانِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ الِاكْتِفَاءَ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ ا ه. (وَلَا تَلِي الْأُمُّ فِي الْأَصَحِّ). وَالثَّانِي تَلِي بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَتُقَدَّمُ عَلَى وَصِيِّهِمَا (وَيَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ بِالْمَصْلَحَةِ فَيَشْتَرِي لَهُ الْعَقَارَ) وَهُوَ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ (وَيَبْنِي دُورَهُ بِالطِّينِ وَالْآجُرِّ) أَيْ الطُّوبِ الْمُحَرَّقِ (لَا اللَّبِنِ) أَيْ الطُّوبِ الَّذِي لَمْ يُحْرَقْ بَدَلَ الْآجُرِّ لِقِلَّةِ بَقَائِهِ (وَالْجِصِّ) أَيْ الْجِبْسِ بَدَلَ الطِّينِ لِكَثْرَةِ مُؤْنَتِهِ (وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُ إلَّا لِحَاجَةٍ) كَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ بِأَنْ لَمْ تَفِ غَلَّتُهُ بِهِمَا (أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ) بِأَنْ يَرْغَبَ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ. وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِ ذَلِكَ الثَّمَنِ (وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ بِعَرَضٍ وَنَسِيئَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ) الَّتِي رَآهَا (وَإِذَا بَاعَ نَسِيئَةً) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى النَّقْدِ (أَشْهَدَ) عَلَيْهِ (وَارْتَهَنَ بِهِ) رَهْنًا وَافِيًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَحَكَى الْإِمَامُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَرْتَهِنْ وَالْمُشْتَرِي مَلِيءٌ وَجْهَيْنِ. وَقَالَ الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَذْهَبَ الْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَبِجَوَازِهِ اعْتِمَادًا عَلَى ذِمَّةِ الْمَلِيءِ وَإِذَا بَاعَ مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ نَسِيئَةً لَا يَحْتَاجُ إلَى رَهْنٍ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي حَقِّ وَلَدِهِ (وَيَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ) الَّتِي رَآهَا فِي ذَلِكَ (وَيُزَكِّي مَالَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ) وَيَكْسُوهُ (بِالْمَعْرُوفِ) وَيُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ بِالطَّلَبِ (فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ بُلُوغِهِ عَلَى الْأَبِ وَالْجَدِّ بَيْعًا) لِمَالِهِ (بِلَا مَصْلَحَةٍ صُدِّقَا بِالْيَمِينِ)؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا (وَإِنْ ادَّعَاهُ عَلَى الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ) أَيْ مَنْصُوبِ الْقَاضِي (صُدِّقَ هُوَ بِيَمِينِهِ) لِلتُّهْمَةِ فِي حَقِّهِمَا. وَقِيلَ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ هُمَا الْمُصَدَّقَانِ وَالْفَرْقُ عُسْرُ الْإِشْهَادِ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ يُبَاعُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ وَلِيٍّ وَوَلِيٍّ وَلَا بَيْنَ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ وَدَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَلِيِّ كَهِيَ عَلَى الْوَلِيِّ..

. باب الصلح:

(هُوَ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَهُوَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا صُلْحٌ عَلَى إقْرَارٍ فَإِنْ جَرَى عَلَى عَيْنٍ غَيْرِ الْمُدَّعَاةِ) كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا أَوْ حِصَّةً مِنْهَا فَأَقَرَّ لَهُ بِهَا وَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ (فَهُوَ بَيْعٌ) لِلْمُدَّعَاةِ (بِلَفْظِ الصُّلْحِ تَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهُ) أَيْ الْبَيْعِ (كَالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَمَنْعِ تَصَرُّفِهِ) فِي الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ (قَبْلَ قَبْضِهِ وَاشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ إنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ (فِي عِلَّةِ الرِّبَا) وَاشْتِرَاطِ التَّسَاوِي فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ إنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا، وَجَرَيَانِ التَّحَالُفِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ (أَوْ) جَرَى الصُّلْحُ (عَلَى مَنْفَعَةٍ) فِي دَارٍ مَثَلًا مُدَّةً مَعْلُومَةً (فَإِجَارَةٌ) لِمَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (تَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ (أَوْ) جَرَى الصُّلْحُ (عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ) كَنِصْفِهَا (فَهِبَةٌ لِبَعْضِهَا) الْبَاقِي (لِصَاحِبِ الْيَدِ) عَلَيْهَا (فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْهِبَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ وَمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ لِلْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ (وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) لَهُ لِعَدَمِ الثَّمَنِ (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ) كَصَالَحْتُكَ مِنْ الدَّارِ عَلَى نِصْفِهَا. وَالثَّانِي قَالَ الصُّلْحُ يَتَضَمَّنُ الْمُعَاوَضَةَ وَلَا عِوَضَ هُنَا لِلْمَتْرُوكِ وَالْأَوَّلُ قَالَ وُجِدَتْ خَاصِّيَّةَ لَفْظِ الصُّلْحِ وَهِيَ سَبْقُ الْخُصُومَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْهِبَةِ لِلْمَتْرُوكِ (وَلَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ صَالِحْنِي عَنْ دَارِكَ بِكَذَا) فَأَجَابَهُ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ)؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ لَا يُطْلَقُ إلَّا إذَا سَبَقَتْ خُصُومَةٌ.
وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ وَيُصَحَّحُ الْعَقْدُ تَتِمَّةٌ: وَلَوْ صَالَحَ مِنْ عَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ مَثَلًا مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ السَّلَمِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ سَلَمٌ وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ (وَلَوْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ) غَيْرِ دَيْنِ السَّلَمِ (عَلَى عَيْنٍ صَحَّ فَإِنْ تَوَافَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا) كَالصُّلْحِ عَنْ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ (اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْعِوَضِ فِي الْمَجْلِسِ) حَذَرًا مِنْ الرِّبَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقْ الْمُصَالَحُ مِنْهُ الدَّيْنُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَالصُّلْحِ عَنْ فِضَّةٍ بِحِنْطَةٍ أَوْ ثَوْبٍ (فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ عَيْنًا لَمْ يُشْتَرَطْ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ. وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّوْبِ فِي الْمَجْلِسِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ دَيْنٌ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (أَوْ) كَانَ الْعِوَضُ (دَيْنًا اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ) لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَفِي قَبْضِهِ) فِي الْمَجْلِسِ (الْوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا يُشْتَرَطُ فَإِنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ اُشْتُرِطَ، وَلَوْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى مَنْفَعَةٍ صَحَّ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ مَحَلِّهَا. وَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ إنْ اُشْتُرِطَ الْقَبْضُ فِيهِ فِي الْعَيْنِ تَخْرِيجًا عَلَيْهِ (وَإِنْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى بَعْضِهِ) كَنِصْفِهِ (فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ بَاقِيهِ وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَالْحَطِّ وَنَحْوِهِمَا) كَالْإِسْقَاطِ نَحْوُ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ أَوْ حَطَطْتُهَا عَنْكَ أَوْ أَسْقَطْتهَا عَنْكَ، وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْقَبُولُ عَلَى الصَّحِيحِ (وَ) يَصِحُّ (بِلَفْظِ الصُّلْحِ فِي الْأَصَحِّ) نَحْوُ: صَالَحْتُك عَنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ. وَالْخِلَافُ كَالْخِلَافِ فِي الصُّلْحِ مِنْ الْعَيْنِ عَلَى بَعْضِهَا بِلَفْظِ الصُّلْحِ فَيُؤْخَذُ تَوْجِيهُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْقَبُولُ فِي الْأَصَحِّ. وَلَا يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَنَظِيرِهِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْنِ (وَلَوْ صَالَحَ مِنْ حَالٍّ عَلَى مُؤَجَّلٍ مِثْلِهِ) كَأَلْفٍ (أَوْ عَكْسٍ) أَيْ مِنْ مُؤَجَّلٍ عَلَى حَالٍّ مِثْلِهِ (لَغَا) الصُّلْحُ فَلَا يَلْزَمُ الْأَجَلُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا إسْقَاطُهُ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمَا وَعْدٌ مِنْ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ (فَإِنْ عَجَّلَ) الْمَدِينُ (الْمُؤَجَّلَ صَحَّ الْأَدَاءُ) وَسَقَطَ الْأَجَلُ (وَلَوْ صَالَحَ مِنْ عَشْرَةٍ حَالَّةٍ عَلَى خَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ بَرِئَ مِنْ خَمْسَةٍ وَبَقِيَتْ خَمْسَةٌ حَالَّةٌ)؛ لِأَنَّ إلْحَاقَ الْأَجَلِ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ، بِخِلَافِ إسْقَاطِ بَعْضِ الدَّيْنِ (وَلَوْ عَكَسَ) أَيْ صَالَحَ مِنْ عَشْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ حَالَّةٍ (لَغَا) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْخَمْسَةَ فِي مُقَابَلَةِ حُلُولِ الْبَاقِي، وَهُوَ لَا يَحِلُّ فَلَا يَصِحُّ التَّرْكُ.
(النَّوْعُ الثَّانِي الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ فَيَبْطُلُ إنْ جَرَى عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعِي) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعِي كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ دَارًا فَيُنْكِرَ ثُمَّ يَتَصَالَحَا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَيْنٍ ا ه. وَكَانَ نُسْخَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُحَرَّرِ عَيْنٌ بِالنُّونِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِالنَّفْسِ وَلَمْ يُلَاحِظْ مُوَافَقَةَ مَا فِي الشَّرْحِ. فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ (وَكَذَا إنْ جَرَى) الصُّلْحُ (عَلَى بَعْضِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ لِلتَّوَافُقِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا وَتَصَالَحَا عَلَى بَعْضِهِ فَإِنْ تَصَالَحَا عَنْ أَلْفٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا أَوْ خَمْسِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ (وَقَوْلُهُ صَالِحْنِي عَنْ الدَّارِ الَّتِي تَدَّعِيهَا لَيْسَ إقْرَارًا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي إقْرَارٌ لِتَضَمُّنِهِ الِاعْتِرَافَ بِالْمِلْكِ. كَمَا لَوْ قَالَ: مَلَّكَنِي وَدَفَعَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِهِ قَطْعَ الْخُصُومَةِ لَا غَيْرُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الصُّلْحُ بَعْدَ هَذَا الِالْتِمَاسِ صُلْحَ إنْكَارٍ.
(الْقِسْمُ الثَّانِي) مِنْ الصُّلْحِ (يَجْرِي بَيْنَ الْمُدَّعِي وَأَجْنَبِيٍّ) فِي الْعَيْنِ (فَإِنْ قَالَ وَكَّلَنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الصُّلْحِ) عَنْ الْمُدَّعِي (وَهُوَ مُقِرٌّ لَكَ) بِهِ (صَحَّ) الصُّلْحُ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِمَا وَكَّلَ بِهِ كَنِصْفِ الْمُدَّعِي أَوْ هَذَا الْعَبْدِ مِنْ مَالِهِ أَوْ عَشْرَةٍ فِي ذِمَّتِهِ وَصَارَ الْمُدَّعَى مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَوْ صَالَحَ) الْأَجْنَبِيُّ (لِنَفْسِهِ) بِعَيْنِ مَالِهِ أَوْ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ (وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرٌّ بِالْمُدَّعَى (صَحَّ) الصُّلْحُ لِلْأَجْنَبِيِّ (وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ) بِلَفْظِ الشِّرَاءِ (وَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مُنْكِرًا وَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ: هُوَ مُبْطِلٌ فِي إنْكَارِهِ) وَصَالَحَ لِنَفْسِهِ بِعَبْدِهِ أَوْ عَشْرَةٍ فِي ذِمَّتِهِ مَثَلًا لِيَأْخُذَ الْمُدَّعَى مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَهُوَ شِرَاءُ مَغْصُوبٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ قُدْرَتِهِ عَلَى انْتِزَاعِهِ) فَيَصِحُّ (وَعَدَمُهَا) فَلَا يَصِحُّ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مُبْطِلٌ) مَعَ قَوْلِهِ هُوَ مُنْكِرٌ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. وَأَنَا لَا أَعْلَمُ صِدْقَكَ وَصَالَحَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لَغَا الصُّلْحُ) لِعَدَمِ الِاعْتِرَافِ لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا وَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلْمُدَّعِي وَكَّلَنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُصَالَحَتِكَ عَنْ نِصْفِ الْمُدَّعَى أَوْ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ مِنْ مَالِهِ فَصَالَحَهُ بِذَلِكَ صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ صَالَحَ الْأَجْنَبِيُّ لِنَفْسِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ حَالَةِ الْإِنْكَارِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَهُوَ ابْتِيَاعُ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى الْأَظْهَرِ السَّابِقِ فِي بَابِهِ..

. فَصْلٌ: [في أحكام الطريق]

الطَّرِيقُ النَّافِذُ بِالْمُعْجَمَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالشَّارِعِ (لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِمَا يَضُرُّ الْمَارَّةَ) فِي مُرُورِهِمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ (وَلَا يُشْرَعُ) أَيْ يُخْرَجُ (فِيهِ جَنَاحٌ) أَيْ رَوْشَنٌ (وَلَا سَابَاطٌ) أَيْ سَقِيفَةٌ عَلَى حَائِطَيْنِ هُوَ بَيْنَهُمَا (يَضُرُّهُمْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْجَنَاحِ وَالسَّابَاطِ (بَلْ يُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِيَجُوزَ فِعْلُهُ لِلْمُسْلِمِ (بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهُ) الْمَارُّ (مُنْتَصِبًا) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَعَلَى رَأْسِهِ الْحُمُولَةُ الْعَالِيَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُظْلِمَ الْمَوْضِعَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ (وَإِنْ كَانَ مَمَرَّ الْفُرْسَانِ وَالْقَوَافِلِ فَلْيَرْفَعْهُ بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهُ الْمَحْمِلُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ (عَلَى الْبَعِيرِ مَعَ أَخْشَابِ الْمِظَلَّةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ فَوْقَ الْمَحْمِلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَّفِقُ ذَلِكَ. أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ الْجَنَاحِ فِي شَارِعِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ كَإِعْلَاءِ بِنَائِهِ عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ أَوْ أَبْلَغُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَيَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِ الْجَنَاحِ) بِشَيْءٍ وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَلَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْقَرَارَ وَمَا لَا يَضُرُّ فِي الطَّرِيقِ يَسْتَحِقُّ الْإِنْسَانُ فِعْلَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ كَالْمُرُورِ (وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَبْنِيَ فِي الطَّرِيقِ دَكَّةً) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ مَسْطَبَةً (أَوْ يَغْرِسَ شَجَرَةً. وَقِيلَ إنْ لَمْ يَضُرَّ) الْمَارَّةَ (جَازَ) كَالْجَنَاحِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ شَغْلَ الْمَكَانِ بِمَا ذُكِرَ مَانِعٌ مِنْ الطُّرُوقِ، وَقَدْ تَزْدَحِمُ الْمَارَّةُ فَيَصْطَكُّونَ بِهِ.
(وَغَيْرُ النَّافِذِ يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ) لِلْجَنَاحِ (إلَيْهِ لِغَيْرِ أَهْلِهِ) بِلَا خِلَافٍ (وَكَذَا) يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ. (لِبَعْضِ أَهْلِهِ فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِرِضَا الْبَاقِينَ) تَضَرَّرُوا بِهِ أَمْ لَا لِاخْتِصَاصِهِمْ بِذَلِكَ وَالثَّانِي يَجُوزُ لِغَيْرِ رِضَاهُمْ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرُوا بِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ لَهُ الِارْتِفَاقُ بِقَرَارِهِ. فَكَذَا بِهَوَائِهِ كَالشَّارِعِ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِهِ بِمَالٍ لِمَا تَقَدَّمَ. (وَأَهْلُهُ مَنْ نَفَذَ بَابُ دَارِهِ إلَيْهِ لَا مَنْ لَاصَقَهُ جِدَارُهُ) مِنْ غَيْرِ نُفُوذِ بَابٍ إلَيْهِ (وَهَلْ الِاسْتِحْقَاقُ فِي كُلِّهَا) أَيْ الطَّرِيقِ، الْمَذْكُورَةِ. وَهِيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ (لِكُلِّهِمْ أَمْ تَخْتَصُّ شِرْكَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا بَيْنَ رَأْسِ الدَّرْبِ وَبَابِ دَارِهِ)؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَرَدُّدِهِ (وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) وَالْأَوَّلُ قَالَ رُبَّمَا احْتَاجُوا إلَى التَّرَدُّدِ وَالِارْتِفَاقِ فِي بَقِيَّةِ الدَّرْبِ لِطَرْحِ الْأَثْقَالِ عِنْدَ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ (وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ فَتْحُ بَابٍ إلَيْهِ لِلِاسْتِطْرَاقِ) إلَّا بِرِضَاهُمْ لَتَضَرُّرِهِمْ بِمُرُورِ الْفَاتِحِ أَوْ مُرُورِهِمْ عَلَيْهِ وَلَهُمْ بَعْدَ الْفَتْحِ بِرِضَاهُمْ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءُوا (وَلَهُ فَتْحُهُ إذَا سَمَّرَهُ) بِالتَّخْفِيفِ (فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ لَهُ رَفْعُ جَمِيعِ الْجِدَارِ فَبَعْضُهُ أَوْلَى. وَالثَّانِي قَالَ: الْبَابُ يُشْعِرُ بِثُبُوتِ حَقِّ الِاسْتِطْرَاقِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَفْقَهُ (وَمَنْ لَهُ فِيهِ بَابٌ فَفَتَحَ) أَيْ أَرَادَ فَتْحَ (آخَرَ أَبْعَدَ مِنْ رَأْسِ الدَّرْبِ) مِنْ الْأَوَّلِ (فَلِشُرَكَائِهِ مَنْعُهُ) مِنْ بَابِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ جَزْمًا وَمَنْ بَابُهُ قِبَلَهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ الشِّرْكَةِ فِي الْجَنَاحِ، وَسَوَاءٌ سَدَّ الْأَوَّلَ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ الْإِطْلَاقِ مَعَ التَّفْصِيلِ فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى رَأْسِهِ وَلَمْ يَسُدَّ الْبَابَ الْقَدِيمَ فَكَذَلِكَ) أَيْ لِشُرَكَائِهِ مَنْعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبَابِ تُورِثُ زِيَادَةَ زَحْمَةِ النَّاسِ وَوُقُوفِ الدَّوَابِّ فَيَتَضَرَّرُونَ بِهِ (وَإِنْ سَدَّهُ فَلَا مَنْعَ)؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ حَقَّهُ.
(وَمَنْ لَهُ دَارَانِ تُفْتَحَانِ) بِفَتْحِ الْفَوْقَانِيَّةِ أَوَّلَهُ (إلَى دَارَيْنِ مَسْدُودَيْنِ أَوْ) دَرْبٍ (مَسْدُودٍ وَشَارِعٍ فَفَتَحَ بَابًا) أَيْ أَرَادَ فَتْحَهُ (بَيْنَهُمَا لَمْ يُمْنَعْ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُصَادِفٌ لِلْمِلْكِ. وَالثَّانِي يَقُولُ: فَتْحُهُ يُثْبِتُ لَهُ مِنْ كُلِّ دَرْبٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَمَرًّا إلَى الدَّارِ الَّتِي لَيْسَتْ بِهِ، وَيَزِيدُ فِيمَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا فَتَحَ لِغَرَضِ الِاسْتِطْرَاقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: مَعَ سَدِّ بَابِ إحْدَى الدَّارَيْنِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَعَدَمِ سَدِّهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ قَالُوا وَلَوْ أَرَادَ رَفْعَ الْحَائِطِ بَيْنَهُمَا وَجَعْلَهُمَا دَارًا وَاحِدَةً وَيَتْرُكُ بَابَيْهِمَا عَلَى حَالِهِمَا جَازَ قَطْعًا. انْتَهَى وَهُوَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ: أَمَّا إذَا قَصَدَ اتِّسَاعَ مِلْكِهِ فَلَا مَنْعَ أَيْ قَطْعًا (وَحَيْثُ مَنَعَ فَتْحَ الْبَابِ فَصَالَحَهُ أَهْلُ الدَّرْبِ بِمَالٍ صَحَّ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ ثُمَّ إنْ قَدَّرُوا مُدَّةً فَهُوَ إجَارَةٌ وَإِنْ أَطْلَقُوا أَوْ شَرَطُوا التَّأْبِيدَ فَهُوَ بَيْعُ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ الدَّرْبِ لَهُ وَتَنْزِيلُهُ مَنْزِلَةَ أَحَدِهِمْ، وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَلَى ذَلِكَ.. وَيَجُوزُ: لِلْمَالِكِ (فَتْحُ الْكَوَّاتِ) فِي جِدَارِهِ لِلِاسْتِضَاءَةِ بَلْ يَجُوزُ لَهُ إزَالَةُ بَعْضِ الْجِدَارِ وَجَعْلُ شُبَّاكٍ مَكَانَهُ وَالْكَوَّةُ بِفَتْحِ الْكَافِ طَاقَةٌ (وَالْجِدَارُ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ) لِبِنَاءَيْنِ (قَدْ يَخْتَصُّ) أَيْ يَنْفَرِدُ (بِهِ أَحَدُهُمَا) وَيَكُونُ سَاتِرًا لِلْآخَرِ (وَقَدْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ فَالْمُخْتَصُّ) بِهِ أَحَدُهُمَا (لَيْسَ لِلْآخَرِ وَضْعُ الْجُذُوعِ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ الْخَشَبِ (عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ فِي الْجَدِيدِ وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ) لَهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ وَضْعِهَا، وَالْقَدِيمُ عَكْسُ ذَلِكَ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ:«لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ» أَيْ الْأَوَّلِ؛ وَخَشَبَةٌ رُوِيَ بِالْإِفْرَادِ مَنُونًا وَالْأَكْثَرُ بِالْجَمْعِ مُضَافًا، وَعُورِضَ بِحَدِيثِ خُطْبَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ:«لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ». رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فِي مُعْظَمِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ فِي بَعْضِهِ (فَلَوْ رَضِيَ) الْمَالِكُ عَلَى الْجَدِيدِ بِالْوَضْعِ (بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ إعَارَةٌ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَوْضُوعِ (وَكَذَا بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْعَوَارِيِّ (وَفَائِدَةُ الرُّجُوعِ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ) أَيْ الْمَوْضُوعَ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهِ (بِأُجْرَةٍ أَوْ يَقْلَعَ) ذَلِكَ (وَيَغْرَمَ أَرْشَ نَقْصِهِ) كَمَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ (وَقِيلَ: فَائِدَتُهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ فَقَطْ)؛ لِأَنَّ الْقَلْعَ يَضُرُّ الْمُسْتَعِيرَ فَإِنَّ الْجُذُوعَ إذَا رُفِعَتْ أَطْرَافُهَا لَمْ تُسْتَمْسَكْ عَلَى الْجِدَارِ الْبَاقِي.
وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا رُجُوعَ لَهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْإِعَارَةِ يُرَادُ بِهَا التَّأْبِيدُ كَالْإِعَارَةِ لِدَفْنِ مَيِّتٍ (وَلَوْ رَضِيَ بِوَضْعِ الْجُذُوعِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهَا بِعِوَضٍ فَإِنْ أَجَّرَ رَأْسَ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ فَهُوَ إجَارَةٌ) تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَتَتَأَبَّدُ لِلْحَاجَةِ (وَإِنْ قَالَ: بِعْته لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ أَوْ بِعْتُ حَقَّ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ فِيهِ شَوْبُ بَيْعٍ وَ) شَوْبُ (إجَارَةٍ)؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ تَتَأَبَّدُ فَشَوْبُ الْبَيْعِ مِنْ حَيْثُ التَّأْبِيدُ (فَإِذَا بَنَى فَلَيْسَ لِمَالِكِ الْجِدَارِ نَقْضُهُ بِحَالٍ) أَيْ لَا مَجَّانًا وَلَا مَعَ إعْطَاءِ أَرْشِ نَقْصِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الدَّوَامِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ (وَلَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ) بَعْدَ بِنَاءٍ الْمُشْتَرِي (فَأَعَادَهُ مَالِكُهُ فَلِلْمُشْتَرِي إعَادَةُ الْبِنَاءِ) بِتِلْكَ الْآلَاتِ وَبِمِثْلِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ بَيْعٌ يَمْلِكُ بِهِ مَوَاضِعَ رُءُوسِ الْجُذُوعِ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ إجَارَةٌ مُؤَبَّدَةٌ لِلْحَاجَةِ (وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِذْنُ) فِي الْبِنَاءِ (بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ طُولًا وَعَرْضًا وَسَمْكَ الْجُدْرَانِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ ارْتِفَاعَهَا (وَكَيْفِيَّتُهَا) كَكَوْنِهَا مِنْضَدَةً أَوْ خَالِيَةَ الْأَجْوَافِ (وَكَيْفِيَّةَ السَّقْفِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا) كَكَوْنِهِ خَشَبًا أَوْ أَزَجًا أَيْ عَقْدًا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (وَلَوْ أَذِنَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى أَرْضِهِ كَفَى بَيَانُ قَدْرِ مَحَلِّ الْبِنَاءِ) وَلَمْ يَجِبْ ذِكْرُ سُمْكِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ (وَأَمَّا الْجِدَارُ الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَضْعُ جُذُوعِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الْآخَرِ (فِي الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمِ لَهُ ذَلِكَ كَالْقَدِيمِ فِي الْجَارِ لِمَا تَقَدَّمَ وَأَوْلَى (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتِدَ فِيهِ وَتِدًا) بِكَسْرِ التَّاءِ فِيهِمَا (أَوْ يَفْتَحَ) فِيهِ (كَوَّةً بِلَا إذْنٍ) كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِالِانْتِفَاعِ (وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَيْهِ وَيَسْنُدَ) إلَيْهِ (مَتَاعًا لَا يَضُرُّ) وَهَذَا الْقَيْدُ زَائِدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ (وَلَهُ) كَغَيْرِهِ (ذَلِكَ فِي جِدَارِ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْضًا لِعَدَمِ الْمُضَايَقَةِ فِيهِ فَإِنْ مَنَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ مِنْهُ فَفِي امْتِنَاعِهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ لَا يُمْتَنَعُ (وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ شَرِيكِهِ عَلَى الْعِمَارَةِ فِي الْجَدِيدِ) لَتَضَرُّرِهِ بِتَكْلِيفِهَا، وَالْقَدِيمُ لَهُ ذَلِكَ صِيَانَةً لِلْمِلْكِ عَنْ التَّعْطِيلِ (فَإِنْ أَرَادَ) الطَّالِبُ (إعَادَةَ مُنْهَدِمٍ بِآلَةٍ لِنَفْسِهِ لَمْ يُمْنَعْ، وَيَكُونُ الْمَعَادُ مِلْكُهُ يَضَعُ عَلَيْهِ مَا شَاءَ وَيَنْقُضُهُ إذَا شَاءَ) وَلَا يَضُرُّ الِاشْتِرَاكُ فِي الْأُسِّ فَإِنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ لِظُهُورِهِ.
(وَلَوْ قَالَ الْآخَرُ لَا تَنْقُضْهُ وَأَغْرَمُ لَكَ حِصَّتِي) أَيْ نِصْفَ الْقِيمَةِ (لَمْ يَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ) كَابْتِدَاءِ الْعِمَارَةِ وَعَلَى الْقَدِيمِ تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ (وَإِنْ أَرَادَ إعَادَتَهُ بِنَقْضِهِ الْمُشْتَرَكَ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ) وَعَلَى الْقَدِيمِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ (وَلَوْ تَعَاوَنَا عَلَى إعَادَتِهِ بِنَقْضِهِ عَادَ مُشْتَرَكًا كَمَا كَانَ) فَلَوْ شَرَطَ زِيَادَةً لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ عِوَضٍ مِنْ غَيْرِ مُعَوَّضٍ (وَلَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا) بِإِعَادَتِهِ بِنَقْضِهِ (وَشَرَطَ لَهُ الْآخَرُ) الْآذِنَ فِي ذَلِكَ (زِيَادَةً جَازَ، وَكَانَتْ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ) فَإِذَا شَرَطَ لَهُ السُّدُسَ يَكُونُ لَهُ الثُّلُثَانِ، قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا مُصَوَّرٌ فِيمَا إذَا شَرَطَ لَهُ سُدُسَ النَّقْضِ فِي الْحَالِ، فَإِنْ شَرَطَ السُّدُسَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُؤَجَّلُ.
(وَيَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ وَإِلْقَاءِ الثَّلْجِ فِي مِلْكِهِ) أَيْ مِلْكِ الْمُصَالَحِ مَعَهُ (عَلَى مَالٍ) كَأَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى أَنْ يَجْرِيَ مَاءُ الْمَطَرِ مِنْ هَذَا السَّطْحِ عَلَى سَطْحِهِ الْمُجَاوِرِ لَهُ لِيَنْزِلَ الطَّرِيقَ، وَأَنْ يَجْرِيَ مَاءُ النَّهَرِ فِي أَرْضِهِ لِيَصِلَ إلَى أَرْضِ الْمُصَالِحِ، وَأَنْ يُلْقِيَ الثَّلْجَ مِنْ هَذَا السَّطْحِ إلَى أَرْضِهِ وَهَذَا الصُّلْحُ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ يَصِحُّ بِلَفْظِهَا.
وَلَا بَأْسَ بِالْجَهْلِ بِقَدْرِ مَاءِ الْمَطَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ الْغُسَالَةِ عَلَى السَّطْحِ عَلَى مَالٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ تَنَازَعَا جِدَارًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا فَإِنْ اتَّصَلَ بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُمَا بَنَيَا مَعًا) كَأَنْ دَخَلَ نِصْفُ لَبِنَاتِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ (فَلَهُ الْيَدُ) فَيَحْلِفُ وَيَحْكُمُ لَهُ بِالْجِدَارِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِبِنَائِهِ كَمَا ذُكِرَ بِأَنْ اتَّصَلَ بِبِنَائِهِمَا أَوْ انْفَصَلَ عَنْهُمَا (فَلَهُمَا) أَيْ الْيَدُ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ. وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا (فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً) أَنَّهُ لَهُ (قَضَى لَهُ) بِهِ (وَإِلَّا حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يُسَلَّمُ لَهُ أَوْ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَاهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ (فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا) عَنْ الْيَمِينِ (جُعِلَ) الْجِدَارُ (بَيْنَهُمَا) بِظَاهِرِ الْيَدِ (وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ لَهُ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ لِلْحَالِفِ بِالْجَمِيعِ، وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِمَا زِيدَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّهُ إنْ حَلَفَ الَّذِي بَدَأَ الْقَاضِي بِتَحْلِيفِهِ وَنَكَلَ الْآخَرُ بَعْدَهُ حَلَفَ الْأَوَّلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَيْ لِيُقْضَى لَهُ بِالْجَمِيعِ، وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ وَرَغِبَ الثَّانِي فِي الْيَمِينِ فَقَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّفْيِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ، وَيَمِينُ الْإِثْبَاتِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ فَهَلْ يَكْفِيهِ الْآنَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَجْمَعُ فِيهَا النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ لِلنَّفْيِ، وَأُخْرَى لِلْإِثْبَاتِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ فَيَحْلِفُ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ لَا حَقَّ لِصَاحِبِهِ فِيهِ أَوْ يَقُولَ: لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِي ا ه. (وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ لَمْ يُرَجِّحْ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ فَإِذَا حَلَفَا بَقِيَتْ الْجُذُوعُ بِحَالِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ (وَالسَّقْفُ بَيْنَ عُلْوِهِ) أَيْ شَخْصٍ (وَسُفْلِ غَيْرِهِ كَجِدَارَيْنِ مِلْكَيْنِ فَيَنْظُرُ أَيُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ الْعُلْوِ) بِأَنْ يَكُونَ السَّقْفُ عَالِيًا فَيَثْقُبُ وَسَطَ الْجِدَارِ وَتُوضَعُ رُءُوسُ الْجُذُوعِ فِي الثَّقْبِ وَيُسْقَفُ (فَيَكُونُ فِي يَدِهِمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ (أَوْ لَا) يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ الْعُلْوِ كَالْأَزَجِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ عَقْدُهُ عَلَى وَسَطِ الْجِدَارِ بَعْدَ امْتِدَادِهِ فِي الْعُلْوِ (فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ) يَكُونُ لِاتِّصَالِهِ بِبِنَائِهِ، وَالْعُلْوُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ اللَّامِ وَمِثْلُهُ السُّفْلُ..